lundi 20 mai 2013

دول الربيع العربي : حراك بين وحدة الأسباب و اختلاف المسارات

دول الربيع العربي :
 حراك بين وحدة الأسباب و اختلاف المسارات.(1)
إن المتتبع لظروف قيام الانتفاضات في ما يعرف بدول الربيع العربي تبرز تقارب إن لم يكن تطابق أرضية و أسباب نشوئها. فأغلب الدول المعنية بهذه الظاهرة دول عربية تحكمها أنظمة طال استحواذها على النفوذ والسلطة إلى جانب احتكار المنافع و سد الأفق أمام فرص التداول السلمي على السلطة و هو حال كل من تونس و ليبيا و مصر وسوريا واليمن في حين طغى الخلاف المذهبي خاصة في كل من البحرين والأردن ذات الأنظمة الملكية.
و تتحكم المؤسسة العسكرية والأمنية في مفاصل الحكم في كل من تونس و ليبيا و مصر و اليمن و سوريا و إن اكتست الأنظمة في بعض الدول الطابع الحزبي المأطر دون المشاركة الفعلية في دواليب الحكم والقرارات والتوجهات الأساسية للدولة التي تم احتكارها في مراكز قرار تكاد تنحصر في مجموعات استشارة حول الرئيس المنفرد بالقرار و الخيار.
و لا شك أن الأزمة الإقتصادية العالمية و خاصة في المحيط الجغراسياسي للمنطقة كانت من بين الظروف المواتية المهيئة للأزمة.وهو ما نتج عنه انحسار النمو الاقتصادي و تقلص حجم التصدير والتوريد مع تراجع نمو الاستثمارات الخارجية المباشرة و تآكل المقدرة الشرائية و ركود سوق التشغيل.
كما تنامت على المستوى الإجتماعي مظاهر الفساد والمحسوبية وتفاقمت، حيث مثلت التسهيلات البنكية للعائلات الحاكمة والتابعة للقصر جل القروض الممنوحة على أساس المصاهرة والمحاباة و الولاءات في حين انسدت الآفاق السياسية باحتكار السلطة و التلويح بعد أقل من سنة من الدخول في ولاية خامسة مكن من وضعها تحوير لمقتضيات الدستور لإمكانية الترشح لولاية سادسة سنة 2014 و انطلاق حملة ممنهجة لهذا الغرض.
و يعد تردي مستوى التعليم و تقييم مخرجات التعليم العالي ومؤسسات التكوين العلمي والتقني مما حد امكانيات منافسة خريجي جامعاتنا لخرجي نظرائهم من الدول المصدرة للكفاءات في منطقتنا و بقية دول العالم المستقطبة للخبرات والكفاءات.
و قد كان لتردي الأوضاع الإقتصادية في الدول التي تقيم فيها جالياتنا بالخارج أسوأ الأثر على تحويلاتهم من العملة الصعبة و كذلك لتوافدهم على الدول المصدر و كذلك على حركة النشاط السياحي والصناعات المتصلة والنقل والأنشطة الصناعية والحرفية والخدمية المتصلة.
كما مثل تعميق الفوارق الإجتماعية والإقتصادية و بروز طبقات فاحشة الثراء و توسع هوة التنمية بين الجهات و تقلص فرص التشغيل بالمناطق الداخلية جذر بها دواعي عدم الرضاء والنازع الوطني التضامني حيث بينت النزاعات الإجتماعية المتعاقبة سنوات 1978 و 1984 و سنة 1990 وخاصة حركة الحوض المنجمي سنة 1988 عمق الهوة و شدة الغضب والحقد الدفين تجاه رموز السلطة والحكم على المستوى المحلي والجهوي والوطني.
كما مثل تشديد المضايقات على أتباع الإتجاه الإسلامي و ملاحقتهم وطنيا و جهويا و دوليا و منع مظاهر الهندام واللباس والهيئة المذهبية على النساء والرجال خاصة بالمؤسسات الرسمية و حتى داخل المجتمع و هيئاته في ما بلغ حده في ما يعرف بتطبيق قوانين مكافحة الإرهاب و تعقب منقولاتهم و تحركاتهم و غلق آفاق مشاركتهم فكريا واقتصاديا و سياسيا.
و قد مثل تضييق الأفق على المعارضة بكل مشاربها و توجهاتها و التجاء قياداتها للإقامة بالخارج خوفا من ضيق وانحسار وانعدام فرص المشاركة الحرة في الحياة السياسية منعرجا لبروز قاعدة تنسيق و تكوين ميثاق يوحدها رغم تباعد منطلقاتها ومبادئها والبون الشاسع بين مرجعياتها بين علمانية وتيارات اسلاماوية.
أما الساحة الإجتماعية فقد كانت متأزمة بتصعيد حركات مطلبية و تفاقم أزمة قيادةالإتحاد نظرا لمقتضيات تنظيم التداول و بلوغ أغلب أعضاء المكتب التنفيذي حد إعادة انتخابهم و سهرهم على مستقبل المنظمة و قدرات الحركة الشغيلة.
و قد تشابهت ظروف الحكم في كل من تونس و ليبيا و مصر و سوريا واليمن و ماكادت تندلع شرارة الغضب بتونس حتى أتت نيرانها هشيم السلطة المتآكلة في كل من هذه الدول فالماء الراكد ركود السلطة في هذه الدول لا يمكن أن يولد حياة و حركته قادرة وحدها لوضع فرص التحول والتداول على السلطة إن توفرت الإرادة الشعبية والظروف الإقليمية والدولية الملائمة.